1994

كلمة الدكتور / فتحي أبو عرجه

رئيس هيئة المديرين / المدير العام

 

 

صاحبة السمو الملكي الأميرة بسمة بنت طلال المعظمة

ضيوفنا الكرام ، أبنائي وبناتي الطلبة والطالبات.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

 

         يسعدني وأسرة المدارس النموذجية العربية أن أرحب بكم وأهنئكم بتخرجكم من مرحلة الدراسة الثانوية للعام الدراسي 93/94 ويسعدني أن أرحب بصاحبة السمو الأميرة بسمة على تفضلها برعاية حفلنا ، حفل تخريج الفوج الثالث من طلبتنا .

        كذلك فإنني باسم المؤسسين وهيئة المديرين وجميع العاملين في المدارس النموذجية العربية أنقل لصاحبة السمو التعازي بوفاة صاحبة الجلالة " الملكة زين الشرف " .

        منذ تأسيس المدارس كان عدد الطلبة مائتين وأربعين طالبا ًوطالبة وعدد أعضاء الهيئة العامة ثمانية عشر عضوا ً – وبعد مرور عشر سنوات أصبح عدد طلابنا تسعمائة وثلاثة طلاب وعدد أعضاء الهيئة العاملة هو مائة وثلاثة أعضاء ، واستطاعت المدارس بفضل السياسة الواعية الملتزمة أن تضع نفسها في مقدمة المدارس التي مضى عليها سنوات عدة ولم تكن مؤثرة وفاعلة .

         في هذا العام، وبعد دراسة ميدانية شملت ما يزيد عن أربعمائة أسرة أقرت هيئة المديرين إلغاء نظام الاختلاط، وعليه سيتم ابتداء من العام القادم فصل الطلبة عن الطالبات ابتداء من الصف السابع وحتى نهاية المرحلة الثانوية بفرعيها العلمي والأدبي.

        لا أريد أن أتحدث إليكم عن الماضي والتاريخ ، ذلك أنكم تعلمتم أن أمتكم عظيمة بناها الأبطال الخالدون بدمائهم ، وتعلمتم أن الشعوب والأمم تحس بالأمن إذ تفتش في تاريخها وتجد فيه أسباباً إضافية تضمها إلى إمكاناتها في مواجهة ما يحيط بها من مخاطر ، بحيث يكون لها من ذلك طمأنينة نفسية وروحية تهيب بها ، إلى أنها القادرة في الحاضر ، كما قدرت في الماضي ، وأنها واجهت الظلم من قبل ، ودفعته بالحق وواجهت الظلام وبددته بشعلة حضارية كان الإسلام وعاءها، ولكن شعلتها لن تنطفئ ولم ينضب الزيت منها على طول العصور .

       ولا أريد أن أحدثكم عن الحاضر ، إن حاضر أمتكم تعيشونه بأنفسكم دول متفرقة تتنازع فيما بينها ، عدو صهيوني يزداد في طغيانه وتسلطه أنظمة عربية توافق طواعية على حصار شعوبها ، وما حصاركم وزملاؤكم في العراق والسودان وليبيا إلا دليل وشاهد على ذلك .

      إننا نعيش عصر التشويه والتضليل والفساد والخلل والانحراف ، إن كل القوى الغاشمة لا تستطيع أن تحول الباطل إلى حق ، ولا الظلم إلى عدل ، ولا الخيانة إلى صدق ووطنية ، وأن الأكوام من الاتفاقات الممهورة بختم الشرعية الدولية لن تحول إرادة الشعوب عن تطلعاتها إلى التحرر والتقدم والتحرير ، وبالرغم من ذلك لا يجوز لنا أن نحكم على مستقبل هذه الأمة بالســواد أو بالاندثار ، فإننا بذلك نكون قساة إذا نحن حاكمنا أمتكم بهذا المعيار وحده.

     إننا نعيش عصر ذروة الهجوم على الإسلام والعروبة معاً ، بعد أن عشنا نحن وأنتم عهد تركيز الهجوم على العروبة تارة ، وتارة أخرى على الإسلام ، ويتمثل هذا الهجوم في إطار الحملة الصليبية المستمرة في شكلها الثقافي والاقتصادي والحضاري والعسكري ضد كل ما يمت إليكم بصلة ، مستخدمين في ذلك كل الإمكانات الدولية والمحلية .

     فأمتكم تعيش زمن المقاومة والتحدي ، إنها لم تلق السلاح يوماً واحداً.

     نعم لا أريد أن أحدثكم عن الماضي والتاريخ ، وإنما أريد أن أحدثكم عن المستقبل لأنكم ستكونون أداة بناءة في صنعه وتحقيقه ، فهو يمثل لكم الأمل الذين تعيشون والهدف الذي تريدون والمصير الذي تنتظرون .

     إن مستقبلكم مربوط بقدرتكم على فهم حقائق العصر والتحصن بالإيمان والعلم ، وليكن معلوماً لديكم أن العلم من أجل العلم دعوة حق يراد بها الباطل ، إن العلم لا معنى له إذا لم يرتبط بإرادة تغيير الحياة والقفز على كل القيم البالية .

     إن مستقبلكم مربوط بالتحلي بالأخلاق والقيم والعقيدة التي تحضكم على العطاء والعمل ، ولا مستقبل لكل متقاعس أو مترهل.

      إن مستقبلكم مربوط بتحديث النظام التربوي القائم ضمن نظام عربي واحد ، وإتاحة المجال للعقل أن ينطق ، وبعث الإمكانات والطاقات الكامنة فيكم ، ومن سخريات العصر أنكم تطالبون بالإبداع والتفكير ، وتحرمون من استعمال أدواته .

   

 

 

  وأخيراً لا أخفيكم القول ، أنه في كل مرة كان يراود نفسي التعب، ويحاصرها الإحباط والخيبة، كنت أنظر في وجوهكم وشبابكم ومن كان مثلها من رعيل العرب الأوائل  ، و أراقب حماسكم وأتأمل هممكم ، أشعر بالأمل ، فأطوي التعب ، وأتجاوز الإحباط ، وأوطن النفس على متابعة المسيرة .

وأنشد شاعرنا :

 

عيدي إذا عاش كل الشعب في وطني

كالنســـر يـرفض إلا قمة الجبل

عــيـدي بعـيد وأفراحي مزورة

أرضـي تـبـاع بفلس العد والمال

 

 

عودة