2003

كلمة الدكتور / فتحي أبو عرجة

رئيس هيئة المديرين / المدير العام

 

معـالي الـدكـتــور خـالـد الكركي الأكـــرم – رئـيـس جامعــة جرش ،،

ضيوفنا الكرام ، أبنائي الطلبة ، بناتي الطالبات، أيها الحفل الكريم ،،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

         يسعدني وأسرةَ المدارس النموذجية العربية أن أرحب بكم وأبارك لكم تخرجـكم من مرحلة الدراسة الثانوية، وأنتم تشكلون الفوج الثالث عشر لمدارسكم.

أنني أرى على وجوهكم بسمات الأمل ممتزجة بروح التصميم والعزم على اجتياز مراحل الحياة، مرحلة بعد أخرى.

        وأنني أبارك لأهلكم وذويكم، الذين سهروا وتعبوا وجاهدوا معكم حتى يطمئنوا إلى وصولكم شاطئ  النجاح  والتفوق.

        ويسرني أن أرحب بأسمى ومؤسسي المدارس وهيئة المديرين براعي الحفل معالي الدكتور خالد الكركي – رئيس جامعة جرش، والذي عُـرف عنه أنه رمز من رموز من يهتمون بالثقافة والأدب، وممن يدعون إلى الحفاظ على الثقافة والتراث والحضارة العربية.

         وأود كذلك أن أسجل شكري للهيئة التدريسية والعاملين في المدارس الذين واصلوا النهار بالليل حتى يسهـلوا عملية  تعلمكم. وأشد على أيديهم التي لم تتردد يوما ولا ساعة  في مد يد العون والمساعدة لأبنائنا الطلبة. 

        أبـنائـي الـطـلـبة وبــنـاتـــي الطـالـبـات،،،

        ما قيمة الخطابة والقراءة والكتابة بل ما قيمة التعليم كله، إذا لم يدون انتصارات الأمـة وتفوقها، ولم يعكس تطلعات الشعوب إلى حريتها ووحدتها وتحرير أراضيها السليبة.

        ما قيمة التعليم؟ إذا لم تنهل أمتنا من معين قيمها الروحية وحضارتها التليدة، وثقافتها العربية الإسلامية، التي نعتز بها ونفاخر. 

        ما قيمة التربية والتعليم إذا لم تعمق فكراً وتجذر ثقافة، تصطف الشعوب بها في ساحات الوغى متحدية تداعيات الأمم، ومقاومة للغزاة الجدد والقدامى، ونابذة لفكر الاستسلام، وثقافة الصلح مع المحتلين، وذرائع التفريط بالأوطان، معادية لعناصر القطرية ودعوات التجزئة والتبعية، مهما أحيطت بهالات من البراهين والحجج وذرائع التخطيط والقبول بالأمر الواقع.

       ما قيمة التربية والتعليم إذا كانت دولة الاستكبار في الأرض تديل حكومات وتنصب حكومات، وترسم خرائط طرق لأمم الأرض، يجد السالك فيها نفسه على أعتاب الذل والقهر والتبعية والاستعباد وفقدان الهوية والاستقلال الوطني.

       ما قيمة التربية والتعليم إذا لم تحصن الأمة من عبث الغزاة الأمريكان ،والصهاينة المحتلين، الذين يروّجون لنظام تعليمي جديد، يكرّس الاحتلال والقطرية، ويحتل العقل والفكر بعد احتلاله الأرض، نظام تعليمي يضعف الالتزام بالهوية الوطنية، ويحطم الإرث الحضاري، ويعبث بالعقول والضمائر ويجعلها تتقبل ثقافة الغزاة، وما يدخلونه في مضامين التربية من مفاهيم مضللة بحجة التحديث والتجديد.  

       ما قيمة التربية إذا لم تسع إلى تنمية روح المواطنة المحصنة بالهوية الثقافية الإسلامية، الملتزمة بقضايا الوطن، المرتبطة بمبادئ الوحدة والتحرير والتحرر، والمستعدة لتحمل المسؤوليات كلها فداء للأمة والمصير.

       ما قيمة التربية إذا لم يكن المعلم معنياً بتربية طلابه عقلياً ونفسياً واجتماعياً وعلمياً وقومياً ودينياً، فتذوب اتجاهاتهم في بوتقة العروبة والإسلام فلا تقبل شوائب الثقافات الأخرى أو التجزئة في القضايا المصيرية، أو الانحرافات العقائدية والأخلاقية والإنسانية.

       ما قيمة التربية إذا كانت اتجاهاتها نحو استيراد مضامين تربوية غربية، تنبهر بها، وتعتبرها مقياساً للتطور والتقدم.

       ما قيمة التربية إذا لم تستقرئ دروس الماضي وعبر التاريخ، وتربطها بالحاضر، ومن ثمّ صياغتها لتكون فلسفة وسياسة ودليلاً تسترشد بها لصناعة المستقبل.

       ما قيمة التربية إذا لم تسهم في تطوير وتماسك المجتمع في زمن يزداد عولمة وتبعية للدول الاستعمارية، وهي مهمة مستقبلية مزدوجة. مهمة تجعل الفرد محور حركتها، وتبرز ظواهر قوته وضعفه.

      ما قيمة الكتابة إذا كانت تسهل للعدو أن يضع بندقيته على أكتافنا، ويطلق منها أحقاده وعنصريته ورصاصه علينا، ثم نصف هؤلاء بالمحررين المنقذين، بدلاً من نعتهم بالأعداء المستبدين والدعوة إلى معاداتهم وطردهم من بلاد العروبة والإسلام.   

       ما قيمة الكتابة وحبرها، إذا لم ندون أسماء الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن أوطانهم، ورسموا بدمائهم لوحات شرف، ندونهم في عقولنا، ونزين بصورهم مياديننا وجدران مكاتبنا ومدارسنا.

      ما قيمة القراءة إذا لم ننم في طلابنا مهارات التفكير العلمي أو النقدي أو الإبداعي، وفي نفس الوقت ننمي فيهم الحس العالي بالانتماء للوطن.

      ما قيمة القراءة إذا لم يستوعب أبناؤنا دروس التاريخ البعيد والقريب. وهي أن الغزاة الذين تعاقبوا على أوطاننا، كانوا عابري سبيل، وان الغزاة الحاليين سيكون مصيرهم مصير ريتشارد وتيمورلنك ونابليون الذين تحطمت غزواتهم على أرض فلسطين والعراق ومصـر.

      ما قيمة القراءة إذا لم ندرك أن الهزائم والنكسات لن توقف حركة الحياة، فحركة الكون ماضية على الرغم من جراحاتنا ومآسينـا.

      ما قيمة الخطابة والبلاغة والقوافي، إذا لم تجند الأمة العربية والإسلامية نفسها لمواكبة قضايا الأمة، وتُسجلّ بحروفها صلابتها وتدربها على الصمود. فبصمودها سوف يتقرر مصير البشرية ويتحقق النصر الذي وعدنا الله به.

      أبنائي الخريجين والخريجات،،

       أننا نودعكم متمنين لكم النجاح والتفوق، وانتم تلحقون زملاءكم الذين سبقوكم وتخرجوا في مدارسنا، ومافـتئـوا سفـراء لمدارسهم ووطنهم وأمتهم. وستبقون في ذاكرتنا وخواطرنا.

      الله معكم وانتم تغادرون مدارسكم، متسلحين بالعلم والأيمان والشجاعة والتاريخ، معتصمين بالحق والمنطق، متمسكين بحقوقكم غير مفرطين بها.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

 

عودة