2004

كلمة الدكتور فتحي أبو عرجة/ المدير العام

سعادة الأستاذ حسين مجلي – نقيب المحامين الأردنيين – الأكرم

 

الخريجون والخريجات، أولياء الأمور وضيوف الشرف المحترمين،،

          ها هو العام الدراسي للفوج الرابع عشر قد طوي أيامه ولياليه، وامتلأ بالعديد من الذكريات والجهود المتصلة من قبل كافة العاملين بالمدارس، والتي تركت أثرها الإيجابي على أبنائنا الخريجين.

         أيها الخريجات و الخريجون إنكم تمثلون الفوج الرابع عشر لمدارسكم، مدارسكم العربية التي بدأت نبتة صغيرة ونمت بكم وبمن سبقوكم حتى أصبحت كشجرة زيتون فلسطين ونخلة العراق تمتد بجذورها إلى أعماق التاريخ حيث لا يستطيع أحد اقتلاعها أو قطعها. وفي حال اقتلاعها أو تقطيعها، فإننا على يقين أنكم ستعيدون زراعتها وسقايتها وحمايتها.

          إن حفل التخريج الذي تحضرون هو تكريم لكل أولئك الذين ساهموا في العملية التعليمية، علاوة على كونه حلماً للخريجين وذويهم، انه حفل ينعش  الذاكرة لسنوات مضت ولمستقبل مشرق وانه علامة متميزة لنهاية مرحلة تعليمية ومؤشر لبداية مرحلة تعليمية أخرى وفي اتجاهات مختلفة نحو تحقيق الأهداف الذاتية لكل خريج.

          مساء الخير أيها الآباء والأمهات وانتم تشهدون بكل فخرٍ واعتزاز تخرج أبنائكم من مرحلة الثانوية العامة، تحية إجلال لكم على سهركم وعطائكم وحنانكم على أبنائكم مما سهل لهم سبيل التحصيل العلمي والنجاح.

         مساء الخير أيها المدرسون والمدرسات الأوفياء، تحية لكم على جهودكم المتميزة في تخريج هذه الكوكبة من طلابكم، حيث كنتم خير معلمين وموجهين وآباء بعرقكم وسهركم، عززتم روح الحياة، والثقة بالمستقبل والأمل لأبنائكم الخريجين.

         مساء الخير أيها الخريجون وانتم تتخرجون فرحين، ذاهبين إلى عالم ملؤه الثقة والأمل والجد وإشراقه المستقبل، مساء الخير أيها الخريجون وانتم تخرجون من حياة المدرسة لتساهموا في بناء الوطن، وتحويل المستحيل إلى ممكن، والضعف إلى قوة، والحزن إلى فرح والتردد إلى إيمان والجسد إلى خزان مليء بقوى التغيير والتعبير عن رفض الواقع والواقعية والعقل إلى معول لهدم كل ما هو غريب عن قيمنا الوطنية والقومية والروحية.

          مساء الخير أيها الخريجون وانتم تطلبون العلم والتعلم الأكاديمي ليكون سلاحاً للحق على الباطل، وركيزة ذاتية للذاكرة لعدم النسيان بأن الغزاة والمحتلين مصيرهم كمن سبقهم الهزيمة والانكسار وان طال الزمان.

          مساء الخير أيها الخريجون وانتم تستحضرون في الذاكرة الفلوجة وجنين ورفح، وبحر البقر، والعامرية وقانا، حيث يفوح منها جميعاً عطر الشهادة، سقت بدماء أبنائنا أشجار الزيتون ونخل العراق ليكون شاهداً على أن الغزاة المحتلين لا يعرفون للإنسانية قيمة، مستذكرين أن هذه المواقع رفعت رؤوسنا في زمن الاستسلام، وأنعشت قلوبنا في سنوات الحزن وأيقظت الضمير في زمن شراء ضمائر المهرولين وراء الاتفاقات المذلة.

         مساء الخير أيها الخريجون في هذه الأمسية أود إن أستذكر معكم ما قاله الشاعر أمل دنقل حين قال:

لا تصالح ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ

والرجال التي ملأتها الشروخ

هؤلاء الذين يحبون طعم الثريد وامتطاء العبيد

هؤلاء الذين تدلت شمائغهم فوق أعينهم

وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ

        إن من الحقائق الثابتة هي أن أمتكم، وليس وطنكم الأردن فقط، بحاجة إليكم ولعملكم المخلص المتواصل، وإبداعاتكم وسعيكم وراء العلم والتطوير. إنكم وزملاءكم على امتداد الوطن العربي ستكرسون حياتكم لعزة الوطن ووحدته، لأنها بمثابة طوق النجاة للخروج من كافة الأزمات والقضايا التي نعيش.

        في الفترة الأخيرة ازدادت وتيرة أصوات المنادين على امتداد الوطن العربي بضرورة الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي. وجاءت الاعتراضات عليها بضرورة أن ينبع الإصلاح من الداخل وأن يعبر عن إرادة الشعوب، وأن يأخذ الخصوصية القطرية لكل دولة.

        إن مثل هذه الدعوات والاعتراضات ما هي إلا تعبير واضح عن غياب رغبة صادقة في الإصلاح والتحديث ذلك أنها تفتقر إلى عناصر مصداقيتها. إن أي دعوة للإصلاح لا بد وان تنطلق من الثوابت التالية:-

1.     أن يكون دعاة الإصلاح أنفسهم أهلاً لذلك وأن يكونوا جزءاً من عملية الإصلاح.

2.     أن يكون الإصلاح ذا منظور قومي شامل ومتكامل

3.     أن يكون الإصلاح مبنياً على أساس رفض الاحتلال ومقاومة الغزاة ومرتبطاً بالدعوة المنهجية إلى وحدة الوطن العربي.

         وفي نفس الوقت نقول أن الدعوة إلى تطوير المناهج دعوة لا غبار عليها، إذا كانت تهدف إلى التطوير الحقيقي بشكل يؤدي إلى اللحاق بركب التطور العلمي والإداري والاقتصادي. أما إذا انحصرت في مراجعة المناهج لتقليص مساحة التعلم الوطني، والقومي، والديني وزيادة مساحة ثقافة السلام والصلح والاعتراف للغزاة والمحتلين بالأرض تحت فلسفة وثقافة الواقعية الجغرافية، فإنها تصبح دعوة مشبوهة يجب عدم التعامل معها وتعطيلها حيثما أمكن. وأنها تتلاقى مع دعوات الأنظمة الغربية التي تدعو إلى الانصياع للمحتلين الجدد من اليهود والأمريكان، وتتلاقى مع دعوات المارقين من أبناء هذه الأمة المحبة للزعامات والوجاهات تحت مسميات الظروف والضرورة واختلاف الزمان والمكان، ومحدودية المقدرات، والتقدير المنطقي للظروف، ونكون قد سرنا في الطريق التي رسموها، ووقعنا في محظور التفريط بالأرض والإنسان، وسلمنا مقدرات الأمة وتاريخها ومستقبلها للمستعمر الكافر.

        وأخيراً أدعو لكم بالتوفيق في مستقبل أيامكم، وأهنئكم وأهنئ أولياء أموركم بنجاحكم وتخرجكم وأهنئ معلميكم ومدارسكم بكم.

 

والسلام عليكم ورحمة الله ،،،

 

عودة