2005

كلمة الدكتور فتحي أبو عرجه المدير العام

 حفل تخريج الفوج الخامس عشر 2005

 

             في مثل هذا الشهر من عام ألف وتسعمئة وثلاثة وثمانين 1983 - بدأت فكرة تأسيس المدارس ، وبدأت مسيرة البناء بالمعاناة والتعب – وصمد المؤسسون للتحديات والإحباطات،  ووجدت المدارس، بمثابرة لا تتوقف، وجهد لا يكل – وعاما بعد عام، أصبحت شجرة وارفة الظلال عميقة الجذور، عمق حبنا للوطن والأمة، يستظل بها العديد من صناع أجيال المستقبل، وينهل من معينها العديد من شباب الأمة، وينبت في أرجائها رواد العلم والحياة.

            إن المدارس لا تقيّمُ ببنائها الضخم ولا ملاعبها الواسعة، ولا بصالاتها الفسيحة فحسب، وإنما تقيم أيضا بدورها وأدائها وقوة تأثيرها في الأوساط التعليمية بمدرسيها ومدرساتها وتربويها وإدارتها، فأصبحت منارة تضيء الطريق للباحثين عنها.

             بعد هذه السنوات أصبحت المدارس معروفة للقريب والبعيد، يفد إليها جمهورها ومريدوها، الذين ينتمون إلى فكرها وثقافتها وهويتها، والذين أصبحوا سفراء متجولين لها، يتحدثون عن عطائها وتميزها.

             كانت المسيرة صعبة، والتحديات عظيمة، والعقبات متعددة، ولكن عزم المعلمين وأصحاب القرار، مكن المدارس من الاستمرار في العطاء والنمو والتطور.

           على مدى السنوات الاثنتين والعشرين  الماضية، ظلت المدارس صلبة في مواقفها، ثابته في قناعتها، أمينة على فلسفتها وأهدافها ،– صادقة مع أهلها ومحبيها.

           والمدارس ليست محصنة من بعض الاجتهادات الخاطئة- ولكن- حسن النية والصدق  والانتماء ، والولاء، هي البوصلة التي تحكم المسيرة – وتوجه الخطى نحو الهدف المنشود.

تتوجه المدارس بالتحية والتقدير لكل أولئك الذين أحبوها، وساندوها وقدموا الدعم والنصح لها ، وتجدد العهد لأولياء الأمور أن تظل موضع ثقتهم في رعاية الأجيال بإخلاص ووفاء.

        أيها الخريجون:-

           وانتم تخرجون إلى حياة مختلفة، أود في هذه المناسبة أن أتوجه إليكم بعدد من القضايا التي ارتأيت أن أذكركم بها :-

           أذكركم وأوصيكم بحب العلم والمثابرة في تحصيله، والوقوف طويلا أمام محطات التعلم مهما كانت الصعاب.

            أوصيكم بحب أهلكم ومعلميكم ومدارسكم، لأنهم هم مجتمعون الذين أوصلوكم إلى ما أنتم فيه من نجاح وتفوق.

            أوصيكم بحب الوطن وعدم التفريط بذرة من ذراته، مهما كانت الظروف ،وطبيعة الغزاة والمحتلين.

            أوصيكم وأذكركم بأن المقاومة للغزاة والمحتلين حق مقدس، لا يجوز التنازل عنه مهما كانت الأعذار. وأن الشهداء الذين سقطوا على كل الأرض العربية وبالذات فلسطين والعراق شموع تذوب لتنير الطريق وصولا للتحرير.

            أوصيكم بالنظر إلى أنفسكم من خلال عيونكم وعيون الذين سبقوكم في بناء الحضارة العربية الإسلامية، وأن لا تنظروا إلى أنفسكم من خلال عيون الإعلام الغربي والثقافة الغربية التي تريد بكم الهلاك.

             أوصيكم بالحذر من المفهوم العربي للديمقراطية، ذلك أنها ليست شجرة يتم استيرادها من المزارع الأمريكية، ونقلها على ظهر دبابة وزراعتها على الطريقة الأمريكية، وإنما هي علاقة داخلية بين أبناء الأمة تتم بطريقة توافقية، آخذة بالاعتبار القيم الروحية والاجتماعية والحضارية.

    أيها الخريجون:-

              تشير الشواهد المضطردة إلى  أن الوطن العربي بات على مفترق الطرق، إما التحرر السياسي والاجتماعي وتحرير الأراضي المحتلة، والتخلص من إرث القهر والتسلط ، بما يدفع باتجاه إصلاحات سياسية ديموقواطية حقيقية، وإما التحايل وإلا لتفاف على مطالب التغيير والإصلاح بإجراء تغييرات شكلية  لا تمس الجوهر. 

               إن علينا أن ندرك أن العالم يشهد عصرا جديدا لا مكان فيه للخائفين والمذعورين، وان حجب المعلومات وتكميم الأفواه والألسنة لم يعد يجدي أمام الطوفان الهائل من المعلومات التي تتخطى كل الحدود والحواجز المصطنعة.

               آن لنا آن نطلق عنان عقولنا ونزيل عنها الخوف والتردد، وأن نشق طريقنا نحو الوصول لتحقيق ثوابت الأمة، ونلحق بركب الأمم، وإلا فإن القطار سيمضي ونبقى واقفين على محطات الانتظار. 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

 

عودة