2006 كلمة الدكتور فتحي أبو عرجة/ المدير العام في حفل تخريج الفوج السادس عشر 2006
سعادة الدكتور علي نايفة الأكرم ،، الحضور الكرام ،، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، جميل بالإنسان أن يرى جهوده قد تكللت بالنجاح والتقدم، وأن ثمار جهوده قد نضجت وأورقت ولا غرو في ذلك فقد مضى عام آخر من عمر المدارس وقد تحققت فيه أعمال وانجازات متعددة، ما كانت لتتحقق لولا جهود العاملين والمؤسسين وأولياء الأمور والطلبة. وإن المرء ليشعر بالفخر والفرح عندما يلتفت إلى كل الاتجاهات فيرى خريجي المدارس منتشرين في كل صقع ، ومتواجدين في كل قطر من أقطار الوطن العربي الواحد، وصار يشار إليهم بالبنان في كل موقع ومؤسسة وتجمع ، فهنيئا للنموذجية بهم وهنيئا لهم بالنموذجية. أود أن أشكر الله الذي منحني الصحة والفرصة لأتحدث إليكم هذا المساء، وهو الذي أعطاني القوة والشجاعة لأؤكد لكم تصميمنا على الاستمرار في تعليم أبناء هذا الوطن، بالرغم من كل الظروف العصيبة التي تمر بها أمتنا. لا زلت أتذكر تخرجي من الثانوية العامة عام 1961 كالبارحة، إن هذا اليوم هو الأهم في حياتي لأنه كان البداية نحو صعود السلم نحو حياة ملؤها الأمل واستشراف المستقبل، على الرغم من أنه لم يشتمل على فعاليات كتلك التي نراها اليوم لضيق ذات اليد أولا، ولأننا كنا نعيش عصر مقاومة الاستعمار والتجزئة والتبعية وكنا نعيش حلم تحقيق الوحدة التي فيها ملاذنا وعزتنا. عندما التحقتم بالمدارس قبل اثني عشر عاما كان الحلم في يوم التخرج، ومن خلال تشجيع الأسرة والمعلمين والعاملين في حقل التعليم، ها أنتم تحققون الحلم، إن الأحلام والآمال والأفكار والقيم لا قيمة لها، إذا لم تترجم بعمل فاعل، إن أحلامكم قد أصبحت حقيقة بتصميمكم وتعبكم وسهركم، وبعد دقائق ستستلمون شهادات التخرج التي طالما انتظرتم والتي ستضعكم على عتبة المستقبل. وفي هذا اليوم الذي سينقش في ذاكرة كل منكم، دعوني أتقدم بالتحية والشكر لكل من ساعدكم على الوصول إلى تحقيق الحلم، للآباء والأمهات لدعمهم وحبهم، وللمدرسيين لانتمائهم وتشجيعهم، ولزملائكم لصداقتهم وحب بعضكم بعضا. أيها الخريجون:- استعينوا بالتربية التي تربيتم عليها لتطوير نوعية من الحياة التي تركز على تجذير العلاقات الإنسانية، لاستيعاب التكنولوجيا المتطورة التي تربط عقولنا وقلوبنا والتي هي عنوان إنسانيتكم. أيها الخريجون: وأنتم تغادروننا الليلة، كل منكم سيبدأ رحلة خاصة به، ستذهبون إلى جامعات مختلفة وأماكن متعددة، وستقابلون أناسا جددا، كلي أمل في أنكم لن تنسوا ما تعلمتم في هذا الصرح العلمي الذي مضى على تأسيسه 23 عاما. لا تنسوا أن تحملوا معكم رسائل وفاء واعتزاز وأمل في أن تعيشوا حياة بعيدة عن القهر والاضطهاد والاحتلال، حياة ترفضون فيها سلام الغزاة والمحتلين، حياة تعيشون فيها على أرضكم العربية دون قيود أو حدود. مهما كان قراركم فيما تودون عمله في حياتكم، سيظل ذلك محكوما بالشجاعة والحكمة، ولكن السؤال الذي يظل قائما، كيف ستذهبون من حيث أنتم الآن وأين تريدون أن تكونوا؟ لا أعتقد أن هناك جوابا شاملا قاطعا، ولكنني أعتقد أنكم ستجدون الجواب إذا عرفتم أن الهدف هو الوصول إلى قمم الجبال العالية، ذلك أن الوصول إليها يبدأ بالخطوة الأولى، حيث أنتم الآن. تدركون أننا نعيش في عصر معقدة ظروفه ولا بد أن يكون لكم دور تلعبونه، إن هناك جدلا وحواراً قائمين بين العديد من المثقفين والمفكرين العرب والأجانب حول ما إذا كنا نعيش عصر صراع الحضارات أم حوار الحضارات أم تحالف الحضارات.فتحالف الحضارات يعني أن تكون الحضارة العربية الإسلامية متحالفة بشكل تابع للحضارة الغربية، وتكون أداة من أدوات القمع والاضطهاد لقوى التحرر الوطني والقومي، وهو أمر نرفضه ونقاومه، وحوار الحضارات يعني حوار حضارة مهيمنة ومسيطرة وحضارة تخلت عنها أنظمتها، ويعني بقاء سيطرة الحضارة الغربية، مع إبقاء الحضارة العربية الإسلامية ضمن هياكلها الشكلية، والحفاظ على القيم الثانوية الذيلية ، كالخصوصية والأولوية وغيرها. إن المنادين بحوار الحضارات يبشرون بأن الحضارة الغربية هي أرقى ما توصل إليه الفكر الإنساني في جميع نواحي الحياة، وعليه فليس أمام الحضارة العربية الا اللحاق بها والسير على طريقتها. وتعزيزا لذلك فقد قام الغرب بزرع كيان غريب في قلب الوطن العربي الواحد، بل في أعز بقعة فيه ألا وهي فلسطين، وذلك حتى يضمن استمرار تواجد الثقافة الغربية. فالحضارة الغربية ما زالت مأخوذة بنظرية قديمة وهي أن العرب والمسلمين وثنيون لا بد من إصلاحهم، ولا يتأتي ذلك الا من خلال اقتدائهم بالغرب وأخذ قيمه ومبادئه. ففي عام 1990 كتب المستشرق برنارد لويس قائلاً :- الإسلام لا يعطي شيئا ذا نفع.... لكن النصر الأمريكي مؤكد. وكتب صاموئيل هننجتون : " لم يعد الأمر محاربة المسلمين، ولكن جعلهم يتحاربون ضد أنفسهم أولا ومن ثم ضد العالم.... وفي النهاية تنتصر الولايات المتحدة على كل أعدائها " . إن القبول بالحضارة الغربية – في رأينا – هو استلاب للإرادة والقوة والحرية والديمقراطية وبأن يبقى الإنسان حرا شكلا وأكثر عبودية. إن عدو أمتنا البربري هو العدو الغربي، وهذه العداوة ليست طارئة بل هي عميقة عمق هذه الأمة، وما الحروب الصليبية المتتابعة وآخرها غزو العراق، إلا دليل شاهد على ذلك. إن الغرب يعمل على إعاقة وحدتنا وحريتنا ونهوضنا متعاونا مع مماليك الانحطاط العربي، فلنسر معا في رفضنا ومقاومتنا للثقافة الغربية. إن تثاقف الحضارات وتفاعلها هو أفضل الحلول لإقامة علاقات متوازنة ذلك أن الحضارة العربية الإسلامية حضارة كرمها الله بالإسلام وخصها بالعروبة، وستكون قادرة على الاستمرار في إثراء الحضارات الأخرى. وفي نفس الوقت لا يجوز الحوار مع حضارات الغزو والاحتلال والإقصاء . فهؤلاء لا بد من إخراجهم من أرضنا بنفس الطريقة التي جاءوا، ولا يحق لأي كان أن يتنازل عن أي جزء من أجزاء الوطن العربي، ذلك أن ملكية الكل والجزء ملكية على الشيوع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
|