2009

كلمة الدكتور فتحي أبو عرجة/ المدير العام

في حفل تخريج الفوج التاسع عشر

 

الأستاذ بهجت أبو غربية الأكرم

السادة أولياء الأمور الكرام

أبنائي الطلبة ،،،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      يسعدني وأسرة المدارس النموذجية العربية أن أرحب بكم ضيوفاً كراماً بمناسبة تخريج فوج جديد من طلابها وطالباتها. حيث تعتبر هذه المناسبة من أجمل المناسبات لكم ولأبنائكم. هذه المناسبة التي ينتقل بها الأبناء إلى حياة مليئة بمزيد من العمل الجاد والدؤوب  وصولاً  للأماني الخاصة والعامة .

        وأود بهذه المناسبة ان أسجل الشكر والتقدير والثناء لكل من ساهم في الوصول بالخريجين الى ما هم عليه الآن.

        ويسرني أن نتشرف بتكريم كوكبة من خريجي المدارس القدامى الذين ساروا على درب الانجاز والتفوق والتميز وذلك بإنهاء درجة الدكتوراه او ما يعادلها ، فتحية لكم ولذويكم الذين سهروا معكم الليالي وبذلوا الغالي من اجل الوصول إلى أعلى مراتب التحصيل العلمي فهنيئا لكم ولذويكم على انجازكم .

      ويسرني احاطتكم علماً بأننا أنجزنا مشروع التوسعة الإضافية للمدارس بحيث تشتمل على مواقف للسيارات ،وغرف صفية ومختبرات وصالة رياضة وتم تسميتها باسم الشهيد عمر المختار لتضاف إلى صالات الرشيد ، احمد بن بلا وجمال عبد الناصر  وستكون هذه الإضافة تحت خدمة أبنائنا الطلبة العام القادم ، بحيث أصبحت المساحة المبنية للمدارس حوالي 30000م2.

       إن المدارس النموذجية العربية أصبحت تتمتع بسمعة متميزة عبر تبنيها فعالية اليوم التربوي والذي يعقد للسنة السادسة على التوالي ويحضره المئات من التربويين وكذلك تبنيها الثقافة الشعبية والتي انتقلت إلى كافة مدارس المملكة. إضافة إلى الحفاظ على الثقافة القومية الوحدوية والتي تخرج طلاباً يؤمنون بعروبتهم ووحدة أمتهم .

        لقد مر في هذا العام حدثان كبيران ، كان لكم حظ معايشتهما  وهما غزو غزه ، واختيار القدس عاصمة للثقافة العربية .

         إن الهجوم الإسرائيلي على غزة هاشم حول الماضي إلى مضارع والحكاية إلى أسطورة والأرض إلى مقابر للغزاة ،والمساجد والمدارس إلى خنادق تمترس فيها الاستشاديون دفاعاً عن الوطن والأمة ، قلب مفاهيم عديدة أهمها ان ما راهن عليه التصالحيون الأوسلويون قد سقط واعيد الصراع العربي الإسرائيلي إلى ثوابته لا صلح لا اعتراف ولا مفاوضات ولا تطبيع ووضعت الجماهير العربية أمام مسؤوليتها التاريخية باعتبار ان الصراع مع العدو الصهيوني هو صراع وجود لا حدود . وأعادت إلى  قواميس المصطلحات ثقافة التحرير والمقاومة وانهزمت ثقافة

الاعتدال وحوار الأديان ونظرية الدولتين وغيرها من المصطلحات واظهر ان العدو الإسرائيلي عدو متوحش وهمجي لا مكان له على هذه الأرض مهما طال أمد الاحتلال.

      لا أظن ان أحدا منكم بكى شهداء غزة ولكنكم تفتخرون بهم كما افتخرتم بشهداء دير ياسين ، وقانا وبحر البقر والكرامة وجنين  وغيرهم من الشهداء الذين سقطوا على امتداد الوطن العربي دفاعاً عن وحدته وحريته وتحرير المغتصب من الأرض العربية .

   فالعزة لغزة وأخواتها البلدات والقرى على امتداد الوطن التي هبت ملبية نداء الجهاد.

     لقد أعلن النظام العربي الرسمي ان القدس عاصمة للثقافة العربية عام 2009 وأريد من هذا الإعلان ان يتحول إلى مهرجان احتفالي لتكون بمثابة ذر الرماد في العيون . إن النظام العربي الذي ينام في غيبوبة مبادرة السلام العربية لا يريد للقدس ان تتحرر .

      ان القدس بحاجة إلى برنامج عمل  يحررها من قيودها  ويعيدها إلى أهلها خالية من الغزاة والمحتلين ،ويعيدها إلى كونها الأساسي تعريب فلسطين وأسلمتها ونقطة التقاء الأرض مع السماء.

      إن القدس هي عاصمة العواصم ، عاصمة مر بها وعليها الغزاة حيث  سحقت جيوشهم  ودمرت عرباتهم على أبوابها وستظل القدس ساخرة من كل الذين يدعون أنهم وحدوها أو الوطاوط  التي تفاوض ان تجد لها بديلاً  وتتهكم على من رفعوا غصن الزيتون بحجة سلام الشجعان.

ستظل القدس متمسكة بهويتها وتحتضن في أكنافها الشهداء والعابدون .

      القدس وان كانت بحاجة إلى الاحتفالات ولكنها في غنى عن الاحتفالات الشكلية ولا إلى التباهي بها عاصمة للثقافة العربية وهي مكبلة الوثاق لا نستطيع الوصول إليها إلا بتصريح من الغزاة  يمهرون أختامهم على وثائق سفرنا وكأنما هم أصحاب القدس ونحن زائرون  لها .

يراد للقدس ان تكون مكانا سياحياً يفد إليه السائحون من كل مكان وتصبح آثاراً روحية كآثار الأندلس.

       ادعوكم أيها الخريجون ان تحبوا وطنكم وتحفروه في قلوبكم وعقولكم ، وان تبقوه نشيداً لأنفسكم وان تستلهموا العبر والقيم من حفاظكم عليه ، وان تقولوا للصابرين والصامدين إن يوم الفتح قريب وان لكل محتل أجل .

      وادعوكم كذلك لحب الوطن موحداً وغير مجزأ، فهو الزاد وقت الجوع ، والشراب وقت العطش والشفاء عند السقم والملهم لحق العودة الذي لا تفريط فيه وهو الأداة الأمثل للتحرير والحرية  .

       يقول المثل الانجليزي المعرفة تولد الاحتقار . وها نحن نشاهد الحضارة الغربية التي تدعي الديمقراطية والحرية وغيرها من القضايا الزائفة تصطف إلى جانب المحتلين والقتلة والسجانين لأهلنا في فلسطين والعراق وأفغانستان  لا بل في كل منطقة تريد استنشاق روح الحرية والعدالة فأنى لنا ان نحترمهم ونعاهدهم ونحاورهم.

      إن الصراع مع الغرب ليس "سوء فهم بين الطرفين " كما قال باراك اوباما في خطابه في جامعة القاهرة .إن احتلال الأرض والغزو ليس سوء فهم ، وإذا كان الأمر كذلك فإن على الأمريكيين الرحيل عن العراق وأفغانستان وفلسطين . وان على المحتلين الصهاينة الرحيل عن أرضنا والعودة من حيث أتوا. إن حديث الغزاة عن السلام أكذوبة يريدون منها تثبيت الاحتلال. ويحضرني قول هوشي منه – القائد الفيتنامي الذي هزم الأمريكان " إن من الحقائق المعروفة أنه كلما أرادت أمريكا تصعيد حربها الإجرامية لجأت إلى اسطوانة مباحثات السلام ، لتضليل الرأي العام .

      إنهم يتحدثون عن السلام وفي ذات الوقت يقولون على لسان  الحاخام الأمريكي مانيس فريدمان " دمروا مقدساتهم واقتلوا رجالهم ونساءهم وأطفالهم ومواشيهم . عند ذلك سيتوقف العرب على الاعتقاد ان الرب يقف إلى جانبيهم .

       أيها الخريجون ، من إدراكي العميق بدوركم في صناعة المستقبل ، فأنني اكرر دعوتي لكم بالانحياز لقضايا أمتكم  والابتعاد عن مظاهر التغريب التي تعيق فكركم وحركتكم . كذلك ادعوكم بالتمسك بالقيم الروحية والخلقية .

      أهنئكم بتخرجكم ونأمل ان نكون قد وفقنا في زيادة معرفتكم وشحذ هممكم وتجديد هويتكم وانتمائكم .

 

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

 

عودة