1993

 كلمة الخريجين

الطالب / عبد الكريم الناصر

 

عطوفة الدكتور منذر المصري – أمين عام وزارة التربية والتعليم

أساتذتي الكرام

أخواني الطلاب ، أيها الحفل الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

           تحتفل مدارسنا اليوم ، المدارس النموذجية العربية بتخريج فوج جديد ونخبة جديدة من طلابها وطالباتها ، ترتسم على وجهوهم بسمة الأمل ، الأمل الممتزج بالتصميم على اجتياز أهم مرحلة في تاريخ حياتهم ، بعد سنوات طويلة قضيناها معاً في رحاب مدارسنا ، هذه المدارس التي أحببناها كثيراً ، ففيها نشأنا وترعرعنا ، ومن على مقاعدها رسمنا طريقنا وسلوكنا ، ومن نوافذها أطلت هاماتنا شامخة عزيزة أبية ، تمتلئ بروح الوطنية الصادقة ، والانتماء لهذا الوطن الكريم ، الانتماء لعروبتنا وحضارتنا ، تحت ظل حضرة صاحب الجلالة الملك الحسين المعظم .

        أخوتي الطلاب ، في هذا العام سوف نفترق ، ولكن دعونا نلتقي ، في كلمة يكتبها أحدكم في صحيفة يومية ، في حبة قمح يزرعها أحدكم في أرض وطننا المعطاءة ، في مصنع ، في معمل ، في خندق الوطن حين ينادي أبناءه الأوفياء ، في بسمة طفل ارتوت مفاصله بشهد الوطن ونميره العذب .

        دعونا نشق طريقنا إلى الحياة بلا كلل أو ملل ، فالوطن بحاجة إلى أبنائه الأوفياء ، يسمو بسموهم ، ويتقدم بجهدهم وعطائهم ، إن عالمنا اليوم لا يرحم أمة تصغر هممها وتتضاءل عزائمها، فلم تعد حماية الوطن بالمدفع والسيف ، ولكن بالمعمل والمحراث .

       أخوتي الطلاب ، إن تقاعس إخواننا الشباب عن كثير من الأعمال ظاهرة اجتماعية خطيرة ، وإن هذه البطالة التي نتحدث عنها ، إنما صنعناها بأيدينا ، فالرفاهية أصبحت شعارنا ، والكسل رداءنا ، والهم شعرنا ونثرنا ، نعيش ليلنا بالأمنيات العذبة والضحكات الساخرة ونصحو بعد أن تضربنا الشمس بسياطها ، لننهض ونسعى في مناكب الأرض . ونحن نتقلب ذات اليمين وذات الشمال.

       إن الأمم والشعوب إنما تبني حضارتنا بسواعد أبنائها ، ولا أكاد أصدق أن النملة اليابانية ، تجر وراءها عربة التاريخ الحديث ، بينما الحصان العربي قد ترهل جسده ، وارتخت مفاصلة وألقى بسرجه في زاوية العدم والنسيان .

       أما أنتم ، أساتذتي الكرام ، فشكراً لكم ، شكراً لعنائكم وجهدكم ، شكراً لعطائكم الذي لا ينفذ ولا ينضب ، أنتم الجنود المجهولون حين يحتدم الوطيس ، وتشرع أسنة العلم ورماح المعرفة ، أنتم الشموع المحترقة لتضئ أنفاق الظلام وسراديب الجهل ، سنظل نعترف بفضلكم ، وسنبقى الأوفياء لكم ، تعيشون في ذاكرتنا وفي صدورنا ما دام فينا قلب ينبض بالحياة .

      وأما أنتم يا أخوتي الطلاب في الوطن المحتل ، يا من تحملون الحجر بيد ، والقلم باليد الأخرى، من هنا ، من على ضفاف نهر الأردن ، نمدّ أيدينا إليكم ، نعانقكم ونعاهدكم ، سنلتقي بكم بعون الله في مدرسة واحدة ، تحت سقف واحد ، وحجرة دراسية واحدة ، نردد معاً هذه الأبيات :

 

حي الشباب وقل سلاماً أنكم أمل الغد

صحت عزائمكم على مدفع الأثيم المعتدي

والله مد لكم يدا تعلو على أقوى يد

وطني أزف لك الشباب كأنه الزهر الندي

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

 

عودة