1995

 كلمة الخريجين

الطالب / عماد بدوية

 

أساتذتي الكرام ، أخواني الطلبة ، أيها الحفل الكريم

         في هذا اليوم تحتفل مدارسنا بتخريج فوج جديد من طلابها وطالباتها في هذا اليوم يلتقي الضدان يتعانق الماضي مع الحاضر ، يتصافح البعيد والقريب فقد أزف الرحيل ، وحانت ساعة الفراق سنغادر هذه المملكة الصغيرة مملكة العلم والأدب والفن والذوق ، مملكة الأدباء والشعراء والأشقياء ، مملكة الصغار والكبار ، حانت ساعة الفراق إلى عالم رحب واسع يبتلعنا جوفه السحيق، ولا ادري إن كنا سنلتقي أم ستظل الذكريات هي عنصر بقائنا ورمز اشتياقنا.

       مدرستي ، أيتها الأم الفاضلة ، في أحضانك كبرنا ، ومن كبريائك تعلمنا الرجولة ، ومن معينك نهلنا رحيق العلم ، فكنت سخية أيتها الوفية وكنت أبية أيتها النموذجية العربية .

لقد كنت أيتها المدرسة الوفية النبع الصافي ، والبلسم الشافي ، ألم تكوني اللسان الناطق باسم كل فيلسوف وعالم،ألم نتلق من فيك حكم المتنبي:

 

أعز مكان في الدنا سرج سابح      وخير جليس في الزمان كتاب

 

      ألم نتلق حكمة أفلاطون؟( العمل يبعد عنا ثلاثة أمور: الفقر والرذيلة والملل).

      ألم نسمع دعوة السكاكيني ؟ (احمل محراثك واتبعني) ، ودعوة غاندي العجوز(احمل مغزلك واتبعني) ، وصرخة شوقي أمير الشعراء:

 

قم للمعلم وفه التجيلا              كاد المعلم أن يكون رسولا

 

       فأنتم يا أساتذتي الكرام ، يا من تحترق أجسادكم لتضئ لنا سراديب الجهل ، وأنفاق الظلام ، وأنتم الأوفياء حين يعز الوفاء، أنتم العمال المهرة ، في صنع الأجيال ، أنتم الفلاحون السعداء ، تزرعون الفضيلة في النفوس ، وتقتلعون الضغينة والشر من الصدور شكراً لكم ، شكراً لعطائكم الذي لا ينضب ، شكراً لصبركم وكدكم وعرقكم .

      أيها الطلاب الأعزاء بعد قليل سنغادر هذا المكان ، سنودع مملكتنا الصغيرة إلى عالم أكثر اتساعاً ، عالم واسع كالبحر ، فيه الشرير والقديس ، فيه الإنسان والشيطان ، فاحذروا إخوان الشياطين ورفاق السوء ، كونوا الأوفياء لوطنكم وأمتكم وأهلكم وذويكم ، كونوا القدوة الحسنة لمن يأتي بعدكم ، الوطن بحاجة إليكم ، فالوطن الذي يفقد أبناءه الشباب ، أقم عليه مأتماً وعويلاً، فلا يغرنكم برق يلمع أو نجم يسطع في هذه الدنيا الغرور ، كافحوا يا إخواني ، فالعلم ليس له نهاية ، العلم ليس شهادة تعلق في صدر البيت وليس زياً يتباهي فيه صاحبه أمام أهله وذويه ، العلم ليس تفاخراً وتحذلقاً ورياءً ، العلم هو العطاء ، العلم هو أن أسمو بنفسي عن عالم المادة وان أعرف سر وجودي كما يقول جبران العلم هو ألا ينتهي بي الأمر أن ألقي بنفسي في زاوية النسيان أندب حظي وأنا أبحث عن عمل يناسب مقامي السامي ، العلم ليس أمنية لأن الأماني بضائع الحمقى لا نهاية للعمل يا أصدقائي ، فإذا سمعتم أحداً يقول لكم قد وصلت إلى النهاية ، فاعلموا انه قد بدأ ينحدر .

      أنتم ملح هذا الوطن، وبدونكم لن يكون لهذا الوطن طعم، انتم عبيره وشذاه، وبدونكم لن يكون له رائحة طيبة، أنتم اللون الأبيض فيه وبدونكم لن يكون له لون.

      أيها الزملاء الأعزاء، أوصيكم بتقوى الله ومخافته، التقوى هي السلاح الأمضى في مجابهة الإثم والفساد والضياع، التقوى هي الرداء الواقي من جحيم الدنيا وملذاتها، التقوى هي الزاد الذي يحمله المسافر في يوم لا ينفع فيه صديق حميم أو أب رحيم.

     وداعاً يا إخواني وأصدقائي الطلاب، وداعاً أيتها المدرسة الأبية الشامخة المعطاءة، وداعاً أيها المشرفون الساهرون على رفعتها وتقدمها،وداعاً أيها المعلمون الأفاضل ، وداعاً أيها الآباء والأمهات .

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

 

عودة