2008

كلمة الدكتور / هاني الخصاونة

 

بناتنا العزيزات خريجات الفوج الثامن عشر

أبنائنا الأعزاء خريجي الفوج الثامن عشر

أخوتي .... إخواني

       لا بد لي بادئ ذي بدء من الإعراب عن اعتزازي بالمشاركة في هذه المناسبة السعيدة التي نحتفل فيها بفوج جديد من أبناءنا وبناتنا يجتازون مرحلة الفتوة والدراسة الثانوية في حياتهم لينتقلوا منها إلى مرحلة التخصص واستكمال أسباب البناء الفكري لكل واحد منهم في الانتساب إلى المعاهد العليا والجامعات . فهنيئا " لكم أيها الخريجون والخريجات وهنيئا " لاباءكم وأمهاتكم وأسركم الذين رعوكم على مدى الأعوام ووفروا لكم أسباب التعلم والنجاح والتخرج بكد سواعدهم وبكفاحهم وصبرهم .

      أما التحية المتميزة العطرة فهي لجهاز هذه المدارس النموذجية العربية من المؤسسين والمدراء وجهاز التعليم وجهاز الإدارة الذين تكاملت جهودهم ، وتتابعت مساهماتهم حتى وصلت بهذا الصرح العالي إلى ما وصل إليه خلال خمسة وعشرين عاماً وهو يحتضن في أكنافه بعض أكبادنا ويتولى رعايتهم وصقل مواهبهم وتأهيلهم وفق احدث وسائل التعليم الحديث .... تحية للدكتور فتحي أبو عرجه رئيس هيئة المديرين / المدير العام ولإخوانه وأخواته في جهاز هذا الصرح التربوي المحترم .

      أيها الحفل الكريم ..... حينما كرمني مدير هذا الصرح بالمشاركة في هذا الحفل وبدأت اخط هذه الكلمات التي تسمعونها عدت بذاكرتي إلى خمسين عاماً مضت حينما تخرجت من المرحلة الثانوية في كلية الحسين في عمان الحبيبة ، وكنت طالباً منغمسا بالعمل العام وبالنشاط الطلابي والسياسي أوزع وقتي بين الدراسة والسياسة وقد مَن الله تبارك اسمه عليَ بأنني قد نجحت في تلك السنة الصعبة بامتحان المترك الذي لم يكن يتجاوز عدد الناجحين به المئات على نطاق الأردن بضفتيه في تلك الأيام . وكانت الدولة تقبل تعييننا – نحن خريجي الثانوية العامة – معلمين في مدارسها ، ثقة من أولي الأمر آنذاك بمستوى هؤلاء الخريجين وقدرتهم على القيام بمهمة التدريس ، وقد كان نصيبي لبضعة أشهر أن اعمل معلماً في مدرسة الأحنف بن قيس في جبل الجوفة وان ادرس طلاباً أتقارب وإياهم بالعمر وبعضهم يلمع الآن في فضاء المجتمع الأردني سواء بالحكومة أو مفاصل المجتمع الأخرى .

      كانت كلية الحسين مدرستي جوهرة المدارس الحكومية الثانوية وكان مدراءها وأساتذتها أعلاما وقناديل مضيئة في ميدان التربية والتعليم ، رحم الله من فارقنا منهم وبارك من بقي معنا .

      لم يتوفر لنا في تلك الأيام ما يتوفر لكم الآن .... كنا نذهب إلى المدرسة مشياً على الأقدام في معظم الأحيان ، وكانت المختبرات ووسائل التعليم نادرة وغرف الصفوف لا تتوفر فيها التدفئة ، ولان المتعلمين والطلاب كانوا قله آنذاك ، فقد كان المجتمع ينظر إلى المعلم نظرة احترام خاصة ويكاد يرفعه إلى المراتب الخاصة بالأولياء ..... لهذا كان الخريج الثانوي منا يقبل على مرحلة ما بعد الثانوية بثقة عالية بالنفس وباطمئنان إلى انه قادر على مواجهة مستقبل أيامه سواء بالعمل أو بمواصلة طلب العلم الجامعي وانه ترك الصعب وراءه.

     وفي المقابل أيها الأبناء والبنات الأعزاء ، لقد توفرت لجيلكم كل أسباب الرفاهية والراحة فالحافلات المريحة تنقلكم من بيوتكم إلى رحاب صفوفكم محملين بأطايب الطعام والشراب ، وتنشاون في افياء صروح مدرسية زاخرة بأخر صنوف الوسائل العلمية والتربوية ، ويرعاكم موجهون ومعلمون مؤهلون يتابعون معكم علوم التكنولوجيا الحديثة ومشتقاتها ، ويهيئونكم للمرحلة المقبلة في الجامعات ، وهذه الفروق بين أيامنا وأيامكم سنة من سننن الحياة ، تدفعنا وخاصة من هم في جيلي إلى التأمل في النقلة النوعية الكبرى والتغير الايجابي الهائل الذي اخذ بنواصي المجتمع الأردني فهزه من الأعماق وغيره إلى الأفضل والأحسن ، مما يدعونا إلى الافتخار بما أنجزته دولتنا في مضمار التقدم والتطور واللحاق بالعصر في شتى مجالات الحياة ..... المجد والافتخار بكل مواطن أيا كان موقعه ومجاله ممن أسهموا في تطوير بلدنا الغالي ودفع عجلة التقدم فيه وبعد .

       إن فوجكم يحمل اسم شهيد عربي خالد هو الشهيد عبد الرحيم محمود الذي اختار الموت الكريم على حياة الذل والخضوع للغاصبين وإنكم أيها الأبناء تتخرجون اليوم في مجتمع ينتمي إلى مجتمع اكبر منه هو المجتمع العربي الذي ينتسب إليه الأردن وكل الأقطار العربية ، وقد تجزأ هذا المجتمع بإرادة الأجنبي المستعمر الذي لم يكتف بالتجزئة فقط وإنما أعطى الجزء الأغلى من وطننا العربي فلسطين إلى مجموعة غريبة لتقيم عليها دولة عنصرية طردت الملايين من أبناء فلسطين الأصليين ، ولا يزال هذا العدو الأجنبي يلاحق هذه الأمة بكل أجيالها ، فهو منذ سنين قريبة يدنس ارض العراق ويعيث بها فساداً ولؤماً وتخريباً . وإنني أشير إلى هذه الوقائع باختصار لأنكم تعرفون حيثياتها الماثلة بكل أهوالها وهي حلقة في سلسلة من التجاوزات الظالمة التي توقعها فوى الطاغوت الامبريالي في جسد امتنا وضد كل قواها الحية الناهضة والمناضلة ولان مواجهة هذا الظلم والعدوان أمانة في أعناقكم ، ولأن معارك امتنا العربية لها . لها طبيعة خاصة فقد تستغرق أكثر من جيل للتعاطي معها فكونوا أيها الأبناء والبنات مع أمتكم بلسماً لجراحها وقناديل تضيء مسيرتها وعازفي أنغام الأمل والثقة بالنصر لها ولجهاد الشرفاء من أبناءها .

 

والله يبارك فيكم ويمكّن للسعادة والتوفيق في مسيرتكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

 

عودة